" وكّلت له مهمّة نشر الوعي والإرشاد في صفوف المتساكنين استعدادا لمعركة23 جانفي52 والإشراف على صندوق إغاثة المتضررين"
ولد المناضل المرحوم الحاج علي بن أحمد لحمر سنة 1909 بطبلبة وتوفي بها في 10 مارس 1974 انخرط في العمل الحزبي والنضالي منذ شبابه حيث كان من بين الذين أمضوا على عريضة تحمل 119 إمضاء يعلنون فيها ولاءهم لمبادئ الشّاب الحبيب بورقيبة ورفاقه بعد مؤتمر قصر هلال في 2مارس 1934.كما أنتخب عضوا بهيئة الشعبة الدستورية خلال المؤتمر الذي أشرف عليه الزّعيم الحبيب بورقيبة في أوت1934 وتواصلت عضويته بالشعبة الدستورية سنوات1949 و1950 و 1951و1952 حيث كان من بين وفد الشعبة الدستورية الذي زار الزّعيم الحبيب بورقيبة بتونس العاصمة إثر عودته من فرنسا في 2 جانفي 1952. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته: "... في أوائل شهر جانفي 1952 حلّ المجاهد الأكبر بالعاصمة التونسية من باريس.فذهبت الوفود من كلّ شعبة دستورية إلى تونس لتزور زعيم الأمّة وبطل المقاومة الحبيب بورقيبة.وذهب وفد عن طبلبة برئاسة الطاهر معرّف، أب الحركة الوطنية ورفاقه: الأخ قادر النقبي، والأخ أحمد ابراهم، والأخ البشير شبيل، والأخ الحاج صالح لحمر، والأخ الحاج علي لحمر، والأخ عبد القادر بن محمد بن ريانة..."
وقد ساهم المناضل المرحوم الحاج علي بن أحمد لحمر في الإعداد لمعركة 23جانفي 1952 مساهمة فاعلة ومتميزة حيث وُكلت له الشعبة الدستورية مهمة نشر الوعي والإرشاد في صفوف المتساكنين لما يتمتع به من قدرة على الخطابة والإقناع والتأثير. جاء في مذكرات المناضل عبد السلام شبيل "...وقد وقع تكليف الأخوة علي ابراهم والتجاني بن سالم، والحبيب بالغالي والحاج علي لحمر الأب الروحي لنشر الوعي والإرشاد بمزيد السّهر على حفظ النّظام واستتباب الأمن بين مختلف السّكان...".
كما فتح محلات عمله لاجتماعات الشعبة و استيقاء الأخبار عبر الأثير ممّا جعلها عرضة للتخريب وتحطيم أبوابها وإتلاف ما فيها كرد فعل من طرف جنود المستعمر على ما جدّ يوم 23 جانفي 1952 من حوادث دامية. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته"...وفي المساء التقيت مع جمع غفير من الأحرار في مقر الحاج علي لحمر، الأب المنشط، للاستماع إلى الأخبار عن طريق الأثير، إذ بالحوادث ابتدأت من مدينة ماطر أين تدخلت السّلط بقوّة السلاح ضد الأهالي، حتّى امتدت إلى مدينة بنزرت...) وممّا جدّ يوم 24 جانفي على إثر المعركة...)تكسير المحلات ب"التنقوات" ودخول الجيش إلى بعض الدّيار، حيث كسّر ما بها من أثاث تابع إلى الإخوان:محمد بن عيّارة:حلّت به خسارة جسيمة وخليفة بن سالم تقية، حلّت به خسارة جسيمة وحسن بربور:أريق زيته وبعض أثاثه...ومحلّ تابع إلى الحاج علي لحمر:تحطيم أبواب"القاراج" وتحطيم "كميونة"...
لقد خالف المناضل المرحوم الحاج علي بن أحمد لحمر في بادئ الأمر ما ذهب إليه أعضاء الشعبة الدستورية من العمل على تهدئة الأوضاع وما قرّرته هيئة الشعبة من عدم الدخول في صدام من جديد مع قوات المستعمر بعد حوادث23 جانفي52 لقوّة إيمانه بمواصلة الكفاح المسلّح ومداومة التّصدي للمستعمر. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته"..وكان اتفاقنا تاما، بين المسؤولين في الهيئة ونخبة من رجال البلدة، وتقرّر الإسراع بدفن الشهداء قبل إتيان القوّة، وضرورة اختفاء المسؤولين بكل سرعة...وتنبيه الشّبان إلى الفرار إذا كانوا مشبوهين فيهم وقت المعركة، وإخفاء السّلاح والديناميت بعيدا عن البلدة بكلّ دقّة، وإخبار الشباب بأن لا يقوموا بأيّ عمل مهما كان نوعه...ولكن الحاج علي لحمر أراد في ذلك اليوم أن يقوم برد الفعل، وفي آخر الأمر اقتنع..."
وقد كان المناضل المرحوم الحاج علي بن أحمد لحمر من بين المشرفين على صندوق الإغاثة التي تجمع فيه الأموال لمساعدة المتضررين من الإضرابات المتكررة ولإغاثة أهالي المناضلين الفارين والمنفيين والمساجين وتحمل مصاريف المحامين. يقول المناضل عبد السلام شبيل في مذكراته"...وبعد المظاهرة (22 جانفي52) اجتمعت الهيئة للنظر في حالة المعوزين من جراء الإضراب المستمر.فتكوّنت هيئة لإعانة الضعيف من الإخوان السادة، الأخ البشير شبيل، وقادر النقبي، وعلي ابراهم، والحاج علي لحمر والحاج محمود الشبعان، وفرج بن علي جمعة، والحاج أحمد جمعة...فاتصلوا بسرعة...بالمتبرعين من أهل البر والإحسان، ونزلت الرّحمة في القلوب...لا فرق بين غني وفقير..."
كما كان المناضل المرحوم الحاج علي بن أحمد لحمر يتصف بالأنفة والإخلاص للمبادئ الوطنية، برفضه للسياسة المنتهجة من طرف الباي أو من له صلة به، إلى حدّ رفضه للإعانة التي تفضلت بتقديمها بنفسها إلى أهالي طبلبة الأميرة زكية باي نجلة الأمين باي الذي تولى العرش في تونس خلال الفترة (1943- 1957) و مؤسِسة "لجنة الإغاثة القومية". جاء في مذكرات المناضل عبد السلام شبيل"...كانت إعانة أولى من مدينة تونس، أتى بها الشيخ النيفر بصحبة الأميرة زكيّة. وقد اتصلا بالأخ الحاج علي لحمر، فلم يقبلهما وأشار لهما بأن يوجّها الإعانة عن طريق شيخ البلدة..."
ولم يقتصر عمل المرحوم الحاج على بن أحمد لحمر النضالي في المجال السياسي بل كان له نشاط حثيث في المجال الاجتماعي والجمعياتي فقد كان من مؤسسي تعاضدية "السعادة" الفلاحية سنة 1947حيث توّلى أمانة المال ثمّ أنتخب سنة 1948 كاهية رئيس للتعاضدية. وأنتخب عضوا بهيئة جمعية النسر الرياضي بطبلبة منذ تأسيسها سنة1948. وتوّلى سنة1958 أمانة المال للغرفة التجارية بالوسط. كما تولى رئاسة تعاضدية" الأمل" لإنتاج الزيتون وكان من مؤسسي جمعية التضامن بطبلبة التي تأسست سنة1954، كما ساهم سنة56/1957 في بعث مبيت تابع لفرع التضامن المحلي يقام به أبناء طبلبة الذين يدرسون بمعهد سوسة.
لطفي جمعة
نشرت هذه الترجمة بمجلة السفرة العدد 5 جانفي 2013