ولد المرحوم الصادق بن صالح بالقاسم نويرة المعروف ب"الصادق الطبلبي" في 11 جوان 1928 بطبلبة وتوفي بها في 21 فيفري 2017. تعلّم كغيره من أبناء جيله بالكتّاب وفي الأثناء كان يعمل بالبحر على قارب أبيه رغم صغر سنّه. ولمّا بلغ السنّ التي تخوّله الاعتماد على نفسه اقتنى سفينة صغيرة واشتغل بصيد "القرنيط" والصيد "بالخيوط" والشّباك ما بين سنة 1947 و1951. ولكن هذه المهنة لم ترق له فباع قاربه واشتغل في تجارة "النشاف" (الاسفنج) والخيوط التي يستعملها البحارة في الصيد والشباك التي كان يأتي بها من تونس وصفاقس خاصة. وبعد أن نالت تونس استقلالها بدأ يشتغل في تجارة "الموبيليا" (الأثاث المنزلي) انطلاقا من سنة 1958 إلى سنة 1979، وفي الأثناء وفي سنة 1969 اشترك في بعث مدجنة تعتمد الطرق الحديثة في حضن البيض بالآلة الكهربائية، وتربية الدجاج واعتماد اليد العاملة النسائية في "ترييش" الدجاج بمعية شركائه علي معرف والبشير بن محمد الفقيه وعلي بن حسن جماعة والهادي القرقني شبيل، لكن انسحب من الشركة بعد بداية انتاجها، وبعث بمدينة المهدية بالاشتراك شركة لصنع علف الدواجن من دقيق الأسماك ولكن هذه الشركة توقفت بتوقف المدجنة عن الإنتاج. وفي سنة 1979 أقدم على تكوين شركة لنسج الخيوط وتحويلها إلى ملابس شتوية، شاركه في انشائها شبيل المديمغ، وفي سنة 1981 انسحب هذا الأخير لتبقى الشركة " شركة صوت الرضيع الأنيق" عائلية.
انخرط المرحوم الصادق نويرة في العمل النضالي والحزبي القاعدي منذ شبابه فانضمّ إلى الشبيبة الدستورية التابعة للشعبة سنة 1947، وبقي ثلاث سنوات يحمل زيّها ويحضر اجتماعاتها ولقاءاتها وخرجاتها وتدريباتها الرياضية والعسكرية الشاقة. وبداية من سنة 1949 حمل بطاقة الحزب الحر الدستوري التونسي بصفته منخرطا أدلى بقسم الولاء للوطن والدفاع عنه.
ساهم المرحوم الصادق نويرة في الاعداد لمعركة 23 جانفي 1952. وكان من بين أعضاء اللجنة التي كلّفت بالبحث عن المفرقعات وصنع "العصبان" المحلي منها، كما كان من بين أعضاء اللجنة التي تشرف على تنظيم وضع المقاومين في أماكنهم التي كلّفوا منها بضرب الجنود الفرنسيين القادمين من مدينة المكنين في اتجاه المهدية ومدّهم بالمعلومات. وقد كانت نتيجة مشاركته في فعاليات معركة 23 جانفي 1952 أن ألقي عليه القبض، فعذّب في مركز الإيقاف بسوسة ثمّ سيق إلى محتشد " زعرور" الذي يقع قرب منزل بورقيبة (فيري فيل سابقا) بجهة بنزرت الذي هو في الأصل ثكنة عسكرية يتكون من مباني أسمنتية مسيجة من أسلاك حديدية مكهربـة وقد ضم مئات المبعدين الوطنيين خلال الخمسينيات. وقد بقي بهذا المحتشد مدّ تزيد عن الخمسة أشهر ولمّا أطلق سراحه واصل نشاطه السرّي حيث انضم إلى خليّة وطنية سياسية نشطت في صنع الأسلحة المحلية وجمعها لتزويد المقاومين بها ومن بين أعضاء هذه اللجنة حسن عمّار وخليفة بن أحمد بن سعيد وحسين المدب جمعة ومحمد الجنزري وحسن المديمغ.
كتب الأستاذ الطاهر بوسمة في تدوينة على الفايس بوك تعليقا على المقال بتاريخ 10 ماي 2021:" المرحوم الصادق نويرة (شهر الطبلبي) وقد كان مقربا مني اذ أنه لم يتخلف عني كلما تواجدت بطبلبة ولم اعرف عنه الا حبه للغير وخدمة المصلحة الوطنية، اذ كنت تراه دائما في المقدمة بدون ان يطلب جزاءا او شكورا، لم أتذكر انه طلب مني شيئا لخاصة نفسه لان نفسه عزيزة.
لقد اشتغل في اعمال عديدة وانتهى بالصناعة وفاز فيها وترك أبناء وبنات يفتخر بهم ومنهم رئيس البلدية الحالي الذي اتمنى أن يكون أحسن خلف لأحسن سلف ويشعّ عن طبلبة التي تهمنا جميعا".
لطفي جمعة (10 ماي 2021)
كتاب التقليدية والحداثة في المجتمع العربي الجزء الثاني