المرحوم امحمد بن علي بن خليفة

 

المرحوم امحمد بن علي بن خليفة

ولد المرحوم امحمد بن علي بن خليفة في 20 فيفري 1924 بطبلبة وتوفي بها في 20 ماي 1983، عاش يتيم الأب، فقد مات أبوه وعمره سنتان، وقضى طفولته فقيرا. لمّا بلغ سنّ الدّراسة تعلّم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة في كتّاب القرية. ثمّ التحق بالمدرسة العربية/الفرنسية، إلاّ أنّ والدته اضطرت لإخراجه من المدرسة لمّا بلغ السنة السادسة من التعليم الابتدائي ليساعدها في الاعتناء بأخواته، فاضطر للعمل وهو في سنّ الخامسة عشرة عاملا فلاحيّا في أرضهم وأراضي الآخرين وعاملا بحريا في "الكيس" خاصّة. وبقي على هذه الحال حتّى سنة 1948 السنة التي قرّر استصلاح أرضهم الفلاحية وتوفير الماء والانطلاق في تجربة فلاحة الخضر من فلفل وطماطم. وفي أوّل ستينات القرن العشرين شارك عمّه محمّد بن عبد القادر بن خليفة في شاحنة من أجل نقل المواد الفلاحية إلى المدن الكبرى وبيعها بالجملة، ثمّ فكّر في تكوين شركة لنقل البضائع شاركه فيها كلّ من خليفة الأحمر وعامر علالة وغيرهما... وقد ترأس هذه الشركة إلاّ أنّه سنة 1964 دخلت أكثر شاحنات الشركة إلى شركة النقل الجهوي بسبب قرار التأميم خلال تجربة التعاضد. وقد توّسعت شركة "التعاون" بما بقي فيها من شاحنات فأنشأت محطة وقود سيارات وورشة "قريفاي"، كما أسست الشركة " صندوق التعاون" الذي أصبح فيما بعد "البنك القومي الفلاحي"، ولكن سنة 1969 حلّت الدولة الشركة وألحقت كامل شاحناتها بالشركة الجهوية. وفي سنة 1972 اتصل المرحوم امحمد بن خليفة بالمرحوم الهادي التومي الموظّف السامي بالبنك المركزي التونسي لمساعدته على تأسيس شركة صناعية في مجال صناعة النسيج. فتأسست شركة "الرضيع" بمساهمة الهادي الجيلاني من تونس وإبراهيم المبروك ومحسن الكعلي من قصر هلال. يقول الخبير و الصناعي الهاشمي الحبيب الكعلي في محاضرة حول تاريخ مسيرة النسيج في بناء الدولة الوطنية ألقاها بمؤسسة التميمي للبحث العلمي و المعلومات يوم 22 ماي 2010:" و الجدير بالذكر أن قانون 1972 بفضل مداخله من العملة الصعبة وتوفيره لمواطن الشغل الموزعة على مصانع شملت كامل ولايات الجمهورية و إحداثه لأقطاب صناعية بجهات لم تكن معروفة بتقاليد صناعة النسيج و من بينها مدينة طبلبة التي عرفت بالباكورات و الصيد البحري أصبحت اليوم قطبا في صناعة التريكو. مدينة طبلبة يرجع دخولها لميدان النسيج للسبعينيات لما قام التاجر والصناعي الماهر المرحوم محسن بن محمد الكعلي بزيارة للبنك المركزي لقضاء بعض الشؤون الإدارية أين استقبله السيد الهادي التومي أحد إطارات البنك السامية ورئيس بلدية مدينة طبلبة في نفس الوقت وقد أبدى هذا الأخير أثناء حديثهما رغبة في البحث على من يريد الاستثمار بمسقط رأسه فأجابه المرحوم محسن الكعلي بأن لديه مشروع جاهز للإنجاز في انتظار توفر المكان المناسب فوجدا الحل واتفقا وأنجزا ما أراده حيث تم إنشاء شركة الرضيع..."
انخرط المناضل المرحوم امحمد بن علي بن خليفة في صفوف الحزب الدستوري الجديد منذ خمسينات القرن العشرين حيث ارتأى أعضاء الشعبة الدستورية قبل معركة 23 جانفي 1952 آنذاك إلى وضع استراتيجية سياسية تقي البلدة من حصول فراغ سياسي خاصة في حال اعتقال هيئة الشعبة أو اختفاء بعضهم أو استشهادهم وبذلك قرّروا أن يتمّ تعيين هيئتين لشعبتين سرّيتين تتداولان على المسؤولية عند حصول شغور اضطراري أو فراغ ساسي فتمّ اختيار المناضل المرحوم امحمد بن خليفة من بين أعضاء الشعبة السرّية الأولى بمعيّة كلّ من الحاج محمود الشبعان وعبد الحميد بالغالي والناصر بالقاسم شبيل وقاسم حدادة وفرج بن فضل وأحمد بن فضل. وقد تمّ اعتقال المناضل المرحوم امحمد بن خليفة سنة 1953 بتهمة إيواء جماعة "اليد السوداء" التي اغتالت الشاذلي القسطلّي المترشّح لمجلس بلديّة الحاضرة لأنّه تحدّى أمر الحزب الدستوري بمقاطعتها. وقد أدّى البحث في قضيّته إلى ايقاف مجموعة المقاومة التي كان يقودها البشير زرق العيون. وسجن المرحوم امحمد بن خليفة بتونس. كما أنتخب بعد الاستقلال عضوا بالشعبة الدستورية بطبلبة.
أنتخب المرحوم امحمد بن خليفة عضوا بالمجلس البلدي بطبلبة مدّة أربع دورات حيث أنتخب مستشارا في فترة رئاسة المرحوم المنصف التركي 1966-1969 و1969-1972، ومساعدا في فترة رئاسة المرحوم الهادي التومي 1972-1975، ومستشارا في فترة رئاسة السيّد قاسم عيارة 1975-1980.
كتب الأستاذ الطاهر بوسمة في تدوينة على الفايس بوك تعليقا على المقال بتاريخ 2 ماي 2021 :" المرحوم محمد ابن خليفة شهر القائد الذي عرفته شخصيا وكنت زمن دراستي من بين جلاسه في عطلة الصيف أمام مستودع شركة النقل التي كان مسيرا لها في ذلك الوقت لما لم يكن لطبلبة مؤسسات ذات بال، عرفته من قرب وكان لا يبخل بشيء متفوقا في تسييره لتلك الشركة بالرغم من عدم تخصصه من قبل ثم عرفته لما أدار شركة الرضيع بنجاح وكانت المؤسسة الأولى التي أدخلت طبلبة في التصنيع وشقت بعدها طريقها في البر البحر وفاقت غيرها من المدن المجاورة وما زالت تتفوق. لم يكن المتحدث عنه متعلما بما فيه الكفاية ولكنه بعزمه وحزمه وثقته فاق غيره في كل ما تولاه من مسؤوليات وأعمال وآثاره مازالت بادية وباقية وكان علينا الاعتراف له ولأمثاله بذلك لأنه بمثل هؤلاء الرجال بنيت تونس فرحمة واسعة على روحه والبركة في أبنائه وبناته وأحفاده وحفيداته وخاصة ابنه علي الصيدلاني الأول الذي تشجع وفتح أول أقزخانة بطبلبة".
لطفي جمعة (1 ماي 2021)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتاب التقليدية والحداثة في المجتمع العربي / مجلة البلدية الصادرة بمناسبة خمسينيتها


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال