محمّد بن بوراوي بن عبد الله دعيب

 


إطار تربوي وناشط بالمجتمع المدني
ممرن ومكوّن وخبير دولي في التدريب
ورئيس رابطة الوسط والوسط الشرقي لكرة تنس الطاولة
مولده ونشأته
ولد محمّد بن بوراوي بن عبد الله دعيب في 11 أكتوبر 1943 بطبلبة في عائلة متوسّطة الحال إذ كان والده يشتغل بضيعة فلاحيّة في زراعة الباكورات والاعتناء بعشرات من أشجار البرتقال لإعانة عائلته ووالدته المرحومة شلبيّة قعلول وأخيه محمّد صالح دعيب وأخواته البنات الثلاث، ضيعتهم يعرفها متساكنو طبلبة بسانيّة "فطيمة" ببودريس وهي زوجة أحد الأجداد لعائلة آل "دعيب" اشترت الضيعة الفلاحية المذكورة آنفا، وقد اشتهرت "فطيمة" في ثلاثينات القرن العشرين بصوتها الرّنّان وحفظها للمواويل، وكانت تشتغل "ماشطة" في الأعراس، وُلع بها النّساء والرّجال من متساكني طبلبة، وكانوا يترصّدون موعد مرور موكب دار العريس ب"السفرة" وسط مدينة طبلبة أثناء ذهابهم إلى دار العروس ليلة الحنّة فيطلبون منها التّوقف بهودجها، فتنطفئ الأضواء ويصطف الرّجال أمام المقاهي لترديد المواويل العذبة الصّدّاحة تجاوبا مع الماشطة "فطيمة" ممزوجة بالزّغاريد والآهات والتصفيق...اندفاعات تلقائيّة وأهازيج رائعة، تلك هي مهرجاناتهم وأفراحهم تتحلّى بها قريّة طبلبة آنذاك. ويا لها من مهرجانات رائعة، هذا التراث اندثر وولّى وهي لعمري خسارة للكثير من تقاليدنا وعاداتنا كانت تختصّ بها طبلبة على مدى الأزمان والعصور.
دراسته
زاول المربي محمد بن بوراوي دعيب تعليمه الابتدائي بالمدرسة القرآنية "الهداية" بطبلبة وبعد حصوله على شهادة "السيزيام" سنة 1958 التحق بالمدرسة الإعدادية بحلق الوادي ضاحية تونس العاصمة أين يسكن عمّه المرحوم محمّد صالح دعيب وتحصّل على شهادة "البروفي" في التعليم العام وتمّ توجيهه إلى مدرسة ترشيح المعلمين بالمرسى إلى موّفى جوان 1964 تاريخ تخرّجه معلّما بالمدارس الابتدائية بالجمهورية التونسية.
مسيرته المهنيّة
درّس المربي محمد دعيب لمدّة 16 سنة بمدارس مدينة بنزرت أين يقطن والده الذي كان يشتغل موّظفا بمقرّ ولاية بنزرت فعيّن بالمدرسة الابتدائية منزل بورقيبة من سنة 1964 إلى سنة 1965، ثمّ بالمدرسة الابتدائية ظهر الكدية بضواحي مدينة بنزرت من سنة 1965 إلى سنة 1968، ثمّ بالمدرسة الابتدائية المعارف شارع الهادي شاكر ببنزرت من سنة 1968 إلى سنة 1970، ثمّ بالمدرسة الحرّة بالاتحاد النّسائي فرع بنزرت خاص لإسعاف تلميذات وتلاميذ السّنة السّادسة ابتدائي قصد النّجاح في "السيزيام" تمّ انقاذ العديد منهم وواصلوا تعليمهم الثّانوي وذلك بتكليف من وزارة التعليم وتحت اشرافها من سنة 1970 إلى سنة 1977، ثمّ بالمدرسة الابتدائية نهج باش حامبة ببنزرت من سنة 1977 إلى سنة 1980. وخلال هذه السنة عاد إلى مسقط رأسه طبلبة بعد غياب دام 20 سنة ليدّرس بمدارس طبلبة مدّة 17 سنة فعيّن بالمدرسة الابتدائية شارع الحبيب بورقيبة من سنة 1980 إلى سنة 1982 ثمّ بالمدرسة الابتدائية بودريس من سنة 1982 إلى سنة 1996، ثمّ بالمدرسة الابتدائية النجاح من سنة 1996 إلى سنة 1997، ثمّ انتقل للتدريس بالمدرسة التونسية ببنغازي بالشقيقة ليبيا من سنة 1997 إلى سنة 1999، ثمّ أحيل على التقاعد في غرة جانفي 2000 بعد أن وفّق بعون الله في مهنته بما يمليه عليه الضّمير وتخرّجت على يديه المئات من التلاميذ أغلبهم واصلوا تعليمهم بنجاح وهم الآن يعوّل عليهم في العديد من المناصب المتقدّمة أو في مهن ناجحة والكثير منهم ما زالوا باتصال بمعلّمهم السيّد محمّد دعيب بكلّ احترام وتقدير وتنويه وهذا كسب عظيم وأفضل تكريم لمجهودات كلّ المربين.
حدث هام في طفولته
يسرد علينا المربي محمد دعيب أهم حدث بقي راسخا في ذهنه فيقول " تزامنت طفولتي بداية الخمسينات مع فترة النّضال ضدّ المستعمر الفرنسي وبما أنّني ترعرعت في عائلة مناضلة: والدي بوراوي دعيب وعمّي محمّد صالح دعيب ناضلا بالسّلاح ضدّ المستعمر الفرنسي وهذا الأخير تمّ القبض عليه وحكم عليه بالسّجن غير أنّ أخاه بوراوي بقي مختفيا ولم يتمكّن المستعمر من القبض عليه ولإجباره وبقية المناضلين على تسليم أنفسهم عمد الجيش الفرنسي إلى حجز وسجن زيجات المقاومين المختفين وأربعة من أطفالهن وكنت من بينهم وعمري لا يتجاوز ثماني سنوات، وتمّ احتجازنا بسجن المهديّة قصد اجبار أزواجهن المختفين بعد معركة طبلبة الخالدة "أحداث 23 جانفي 1952" تسليم أنفسهم، فتحرّك المجتمع المدني التونسي آنذاك بالضّغط على السّلط الفرنسية والمجتمع المدني الدّولي، وبعد حوالي عدّة أيّام تمّ الافراج على المعتقلات ومن معهن من أطفال " نساء وحرائر طبلبة، نساء ونصف" ساهمن في المعركة التحريرية بكلّ اقتدار وثقة في النّفس دعما لرجالهن المناضلين".
نشاطه الجمعياتي
من خلال تجربة المربي محمّد دعيب المذكورة آنفا وهو ما زال طفلا، تيّقن من أنّ واجب تقديم الحياة فداء للوطن لا يضاهيه واجب خاصة وقد ضحّى العديد من آبائنا وأجدادنا من أجل استقلال الوطن. ومن هنا بدأت رحلته للانضمام في خدمة الصّالح العام بكلّ اخلاص وتفان والمساهمة في تركيز دولة الاستقلال من خلال المشاركة والنّضال في العمل الجمعياتي " وعلى قدر أهل العزم تأتي المكارم".
*النشاط الكشفي
لمّا بلغ المربي محمّد دعيب الخامسة من عمره انخرط بمنظّمة الكشافة التونسيّة بطبلبة حيث تعلّم الاعتماد على النّفس والبذل والعطاء مرورا من شبل إلى كشّاف إلى جوّال وواصل نشاطه الكشفي من سنة 1953 إلى سنة 2000. فنشط ضمنها لسنين عديدة وتحمّل عدّة مسؤوليات كقائد مخيّمات بعد حصوله على الشّارة الخشبية وقام بتسيير مخيم الغضابنة. وفي أغلب المدارس التي درّس بها أقام أنشطة كشفيّة تتوّج بخرجات وجولات ومخيّمات كلّها دراسيّة (غابيّة، جبلية، بحريّة، أثريّة، صناعات تقليدية وغيرها...) وهو الآن منخرط بمنظّمة " قدماء الكشّافة" بطبلبة.
*العمل التطوّعي
انخرط المربي محمّد دعيب بالجمعيّة العالميّة للعمل التطوّعي من سنة 1962 إلى سنة 1972. فبعد حضور الدّراسات التكوينيّة في هذا الغرض لمدّة سنة كانت المشاركة الفعليّة كلّ صائفة عبر الدّول الأوروبيّة. وقد قام بتسيير الحضيرة العالميّة التي أقيمت صائفة 1969 بمدينة الجم الأثرية لترميم المنازل التي تداعت على إثر فيضانات 1968 حضرها 83 متطوّعا من أنحاء العالم وتوّج هذا العمل بتنظيم رحلة استكشافية إلى برج ألباف وصحراء تونس. لقد استمتع إلى حدّ بعيد بجولاته عبر القارّة الأوروبية ضمن الجمعية العالمية للعمل التطوّعي وكانت فرصة الاعتماد على التّفس والمغامرة والاحتكاك بحضارات عديدة هدفه الوحيد.
لجان الأحياء
كان طيلة 10 سنوات رئيسا للجنة حي بودريس بطبلبة من سنة 1990 إلى سنة 2000، قامت خلالها اللجنة بالعديد من الأنشطة لصالح سكان الحيّ بالأساس من تحسيس المواطنين بأهميّة حماية المحيط والاعتناء بنظافته فنظّمت حملات أسبوعيّة ومسابقات بين الأحياء وتشجير الشوارع وتعبيد الطرقات الضيقة والأزقة بالاسمنت وإزالة الطوابي وتوسيع الطرقات ورفع الفضلات باستمرار وتنظيم مسابقات فكريّة ورياضية شهريا وفي المناسبات بالإضافة إلى المدّ التضامني للعائلات ذات الاحتياج وخاصة في الأعياد فكان التتويج بتكريم لجنة حيّ بودريس في رئيسها بجائزة أنشط لجان الاحياء بالجمهورية التونسية في 11 جوان 1993.
الانخراط بالجمعيات
انخرط المربي محمّد دعيب في العديد من الجمعيات حيث كان عضوا باللجنة الثقافية الجهوية ببنزرت من سنة 1966 إلى سنة 1980، مسؤولا عن الرّحلات والمعارض. وكان من مؤسسي فرقة مسرح الشّمال ببنزرت من سنة 1964 إلى سنة 1978، وشغل خطة كاتب عام للفرقة كما مثّل العديد من الأدوار. وأنتخب عضوا باللجنة الثقافية المحليّة بطبلبة من سنة 1984 إلى سنة 1994. وكان من مؤسسي جمعيّة البعث المسرحي بطبلبة من سنة 1984 إلى سنة 1995 ومديرا للجمعية. وانتخب عضوا بفرع طبلبة لمنظمة التربية والأسرة من سنة 1987 إلى سنة 1997، والكاتب العام للفرع المحلي بطبلبة للهلال الأحمر التونسي من سنة 2003 إلى سنة 2010.
النشاط الرياضي
كان المربي محمّد دعيب لاعبا في كرة اليد في العديد من النوادي بالمستقبل الرياضي بالمرسى وستير جرزونة ببنزرت والريّاضة المدرسية من سنة 1961 إلى سنة 1972. ثمّ أصبح مدرّبا في رياضة تنس الطاولة محرزا على الدّرجة الأولى بامتياز سنة 1974 والدّرجة الثانية بامتياز سنة 1976 والدّرجة الثالثة بامتياز سنة 1978، وتحصّل على تكوين أعلى مستوى سنة 1979 ببيكين عاصمة الصين الشعبية. وقد درّب العديد من الفرق كالمضرب الذّهبي البنزرتي والجمعية الرياضية العسكرية ببنزرت والنّادي الرياضي الهلالي والشبيبة الرياضية بلمطة والمضرب الذّهبي ببومرداس. كما قام بتدريب المنتخبات الجهويّة ببنزرت والمنستير والوسط الغربي (سوسة، المنستير والمهديّة) والاشراف على تربّصات المنتخبات الوطنية للجامعة التونسية لتنس الطاولة. وكان المربي محمّد دعيب مؤسس ومدرّب جمعية تنس الطّاولة بطبلبة سنة 1983 وأحرز على تسعة ألقاب وطنيّة (للفرق وكأس تونس والفردي والزّوجي) إلى حدّ 1990. وقد تمّ تعيينه مكوّنا وطنيّا للمدّربين والحكّام من طرف الجامعة التونسيّة لتنس الطّاولة من سنة 1977 إلى حدّ هذا التاريخ. وقد كوّن بتونس حوالي 600 مدرّبا و300 منشطا لدار الشّباب ونوادي الأطفال بجربة سنة 2015 ونوادي الأطفال بالمنستير سنتي 2019 و2020. كمّا كوّن بالقارة الافريقية بتعيين من الاتحاد الدّولي أو اللجنة الأولمبية أو الاتحاد الافريقي لتنس الطاولة 235 مدّربا مفصلة كالتالي:ليبيا (طرابلس، مصراطة، بنغازي) 100 مدّربا سنة 1999، افريقيا الوسطى 45 مدّربا سنة 2000، وبوركينا فاسو 48 مدّربا سنة 2001، وموريطانيا 42 مدّربا سنة 2002. كما غيّن حكما دوليا محرزا على الشارة الدّولية في تنس الطّولة سنة 1982 وقد مثّل تونس والقارة الافريقية في دورات دوليّة، وبطولة العالم لتنس الطاولة بالسّويد سنة 1985 وألعاب البحر الأبيض المتوسّط بإيطاليا سنة 1987 والبطولات الافريقية والبطولات العربية والدّورات المفتوحة باستمرار.
هذا وقد عيّن الممرن والمكوّن الدّولي محمّد دعيب رئيسا لرابطة الوسط والوسط الشرقي لكرة الطاولة منذ سنة 1984 إلى حدّ هذا التاريخ، حيث تتجدد الثقة في شخصه في كل جلسة للرابطة. وقد أحرز سنة 1990 على وسام الاستحقاق الريّاضي.
سيرة ذاتية خطيّة
لطفي جمعة (12 ماي 2020)

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال