المربي المرحوم سالم بن حسن بن سالم عرفة

 

المربي المرحوم سالم بن حسن بن سالم عرفة


تعرّض للمضايقات وأعتقل بسبب التحقيقات والمقالات
التي كان يكتبها بالصحف التونسية أثناء الحركة التحريرية"
ولد المناضل والمربّي المرحوم سالم بن حسن بن سالم عرفة في 19 ديسمبر 1927 بطبلبة وتوفي بها في 29 جوان 2007. لمّا بلغ سنّ الدّراسة تعلّم القرآن الكريم ومبادئ القراءة والكتابة في كتّاب القرية. ثمّ التحق بالمدرسة العربية/الفرنسية سنة 1936, وبعد نجاحه في امتحان الشهادة الابتدائية في 22 ماي 1944 التحق بجامع الزيتونة المعمور حيث أحرز على شهادة التحصيل في العلوم في دورة أكتوبر 1952. امتهن الصحافة في مرحلة أولى كمصحّح بجريدة "الصباح" ثمّ بالصحافة الحزبيّة خلال الفترة الممتدة من 1 جانفي 1948 إلى حدود 31 ديسمبر 1953، ثمّ في مرحلة ثانية كمحرّر ومراسل لجريدة "الزهرة" و"العمل" و"الصباح" و"البيان" والمجلّة التربوية "المدرسة المفتوحة" لمؤسسها المرحوم المربي محمود الشبعان. انخرط المرحوم سالم بن حسن عرفة في سلك التربية والتعليم في 1 أكتوبر 1953 بعد حصوله على الكفاءة الصناعية قصد الدخول لسلك التعليم، فعمل معلّما بالمدارس الابتدائية بكلّ من مدينة تبرسق (1953) و بالمدرسة العربية الفرنسية بزرمدين (1955) والمدرسة الابتدائية للذكور بطبلبة (1957) والمدرسة الابتدائية المختلطة بطبلبة (1959).ثمّ عيّن مدير مؤسسة تربوية خلال الفترة الممتدة من سنة 1960 إلى سنة 1987 بكلّ من المدرسة الابتدائية المختلطة بسيدي عساكر(1960) والمدرسة الابتدائية المختلطة برادس الملاحة (1967) وبالمدرسة الابتدائية بالحرائرية دائرة باردو (1970) وبالمدرسة الابتدائية بحمام سوسة (1973) وبالمدرسة الابتدائية بمساكن (1977) وبالمدرسة الابتدائية 23 جانفي 52 بمسقط رأسه طبلبة (1985) ومنها أحيل على التقاعد سنة 1987.
ولم يقف نشاط المناضل والمرّبي المرحوم سالم بن حسن عرفة بعد إحالته على شرف المهنة بل تكّثف نشاطه الديني وواصل نشاطه المهني حيث رخّص له في تعاطي مهنة كاتب عمومي بتاريخ 28 جانفي 1988, ثمّ سمّي عدل إشهاد بدائرة قضاء المحكمة الابتدائية بالمنستير بتاريخ 4 نوفمبر 1993. وعيّن إماما خطيبا بالجامع الجديد بطبلبة, نائبا في مرحلة أولى ثمّ رسميّا بداية من 1 سبتمبر 1995.كما كلّف بإلقاء دروسا في الوعظ والإرشاد بمساجد المدينة كانت تنّظمها جمعية المحافظة على القرآن الكريم.
انخرط المناضل والمرّبي المرحوم سالم بن حسن عرفة في العمل الحزبي القاعدي منذ شبابه, فانضّم إلى فوج الكشافة الإسلامية بطبلبة منذ تأسيسها سنة 1946 ثمّ إلى الشبيبة المدرسية منذ تأسيسها سنة 1947 فكان من أعضاء مكتبها, ثمّ بالشبيبة الدستورية. وبحكم مباشرته التحرير بالصحف التونسية, كان يناضل بقلمه فاضحا ممارسات المستعمر ضدّ الأهالي من قمع وتعذيب وتنكيل وإهانة من خلال تحقيقاته المنشورة بالصحف باعتباره مراسلا لجريدة "الصباح" أثناء الحركة التحريرية. وممّا صدر له يوم 7 فيفري 1952 بجريدة "الصباح" تحقيق صحفي مطوّل تحت عنوان "في بلدة طبلبة الشهيدة" جاء فيه"...في صباح يوم 5 فيفري, وفي ساعة مبكّرة طلبت السلط الفرنسية بواسطة "البراح" من الرّجال الذين يزيد عمرهم عن الخمسة عشر عاما أن يجتمعوا بالسّاحة العمومية فلبّوا الدّعوة...فأمر الضابط بإيقاف الحاضرين وعائلات الغائبين نساء ورجالا ووجّه جميعهم إلى المهديّة. وقد مكث الرّجال كامل هذا اليوم بالسّاحة العمومية تحت حراسة الجند وكانت الأمطار تتهاطل من حين لآخر كما كان البرد قارسا والريّاح مدويّة. وعند حلول الليل زجّ بهم في "قاراجات"(مستودعات) بعد أن طلبوا منهم أن يتركوا جميع ما يحملونه معهم من أوراق وأموال وأمتعة في الباب وقضّوا كامل الليل واقفين تحت حراسة الجنود والكلاب...وفي الغد أخرج الرّجال من "القاراجات" ووقع حشدهم من جديد بالسّاحة العموميّة في البرد اللاّذع وتحت الأمطا. وبينما كانوا في محتشدهم كان الجند يتجوّل بالبلدة ويُجري عمليات التّفتيش في المنازل وقد أتلفت أثناء هذه العمليات الزّيوت والمؤونة, وحطّم الأثاث, وفقدت أموال و مصوغ. وقد شاهدت بنفس المكان آثار الزّيوت بالأرض والسميد والكسكسي ممزوجة بالتراب والأواني المنزليّة محطمة بعدّة منازل...وقيل لنا إنّه وقع تعذيب بعض الوطنيين بصفة لا نستطيع وصفها. فقد فَقَدَ الشاب الزّيتوني البشير عيّارة عقله من جراء ما لاقاه من تعذيب...".
وبسبب مثل هذه التحقيقات والمقالات الصحفيّة ومشاركته الفعّالة في معركة 23 جانفي 1952, تعرّض المناضل المربي المرحوم سالم بن حسن عرفة إلى المضايقات والتتبعات, فأعتقل مدّة مع جماعة من المناضلين بثكنة سوسة سنة 1952. ولم يُثْنِه ما تعرّض له من مواصلة نضاله عبر مساهمته في العمل الجمعياتي والسياسي قبل الاستقلال وبعده. فكان من بين أعضاء الهيئة المؤسسة لجمعية النسر الرياضي بطبلبة سنة 1947 وتعاضدية النّصر للخدمات البحرية سنة 1957.وتوّلى عضوية الهيئة المديرة لجمعيّة البعث الثقافي التي تأسست سنة 1954.كما كان ضمن الهيئة التأسيسية لشعبة السّكرين حيث تحمّل مسؤولية عضويتها خلال دورتها الأولى لنشاطها من شهر أفريل 1978 إلى سنة 1982. كما انخرط ضمن نشاطه الديني والجمعياتي في دورات متتالية لهيئات الجمعية القرآنية منذ سنة 1995 بالإضافة إلى تأليفه مجموعة من الكتب الدينيّة ما زال بعضها مخطوطا ككتيب " هداية الأنام لمعرفة أحكام الصيام" نشر في مارس 1989 يعرف بأحكام الصيام وقواعده ويأخذ بيد القارئ لأداء الفريضة كما أوجبها الله. ويبصره بما يمكن أن يخلل صيامه من هفوات وطرق تداركها كما يبين أهم حالات المرض التي يمكن أن تحدث للصائم وما هي مواقف الشريعة منها وكيفية الأخذ بها. كما ترأس فروع منظمة التربية والأسرة وجمعيات العمل التنموي بالمدارس التي أشرف على إدارتها منذ سنة 1960 إلى سنة 1987. وواصل المرحوم سالم بن حسن عرفة نشاطه الصحفي حتّى آخر حياته متحدّيا مرضه فكان ينشر مقالاته بمجلة أخبار طبلبة التي صدرت سنة 1999 في ركن "من أعماق الذاكرة" ونشرت له مجلّة السفرة التي صدرت سنة 2012 بعد وفاته العديد من المقالات بقيت مخطوطة حول الذاكرة الطبلبية الخاصة بالأعراس.
لطفي جمعة
(تمّت مراجعة المقال بتاريخ 20 جوان 2020)
*نشر بجريدة "الشروق" العدد 6651 السنة 17، الثلاثاء 11 أوت 2009 ص18
المرجع: كلمة تأبين المرحوم بقلم الأستاذ رمضان بن ريانة
تمّت مراجعة هذه المعطيات بمساعدة السيّد علي بن حسن جماعة وابنه لطفي عرفة في مقابلة معهما بتاريخ 7 جويلية 2009

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال