المناضل المرحوم محمد بن سالم بالعيارة*

 

المناضل المرحوم محمد بن سالم بالعيارة*

"خرّب جنود الاستعمار داره وقمعوا أهله وعذّبوا ابنه"
ولد المناضل محمد بن سالم بالعيارة بطبلبة في 3 أوت 1903 وتوفي بها في6 ماي 1979عن سنّ ناهزت 76 سنة. درس في كتّاب القرية وحفظ نصيبا من القرآن. انخرط في العمل السياسي منذ عشرينات القرن العشرين حيث كان من الأعضاء المكوّنين لأوّل شعبة دستورية بطبلبة. يقول المناضل المرحوم الشيخ الطاهر معرّف في شهادته المنشورة بكتاب "لم يناموا على الذلّ" لعبد الحميد العلاني "...ولمّا رجعت لطبلبة كوّنت خمسة أشخاص ركّبت بهم هيئة الشعبة الدستورية بطبلبة وهم الإخوان: محمد بالعيارة، المرحوم محمد الشبعان، المرحوم حسن المرابط وأحمد[بيّوض]** وكنت أنا خامسهم. هذه أوّل شعبة دستورية كوّنتها في طبلبة..."
وقد تحمّل المناضل المرحوم محمد بالعيارة مسؤولية أمين مال الشعبة الدستورية بطبلبة من سنة 1922 إلى سنة 1934 ومن سنة 1934 إلى سنة 1954 حيث قضّى 20 سنة كأمين مال الشعبة الدستورية بطبلبة. يقول المناضل المرحوم عبد السلام شبيل في شهادته الشفوية:" ... وفي يوم 19 جانفي 1952 استمر الاضراب والمظاهرات إلى يوم 21 جانفي 1952 ووقع اجتماع مضيق بمنزل الناصر بن صالح بن قاسم شبيل، دعونا عدّة أفراد لتكوين هيئة ثانية وثالثة للشعبة وكانت هيئة الشعبة تتركب من الطاهر معرّف كاهيته البشير بن صالح شبيل، كاتب عام فرج بن سالم جمعة (توفي) تعذّب، كاهية الكاتب العام عبد السلام شبيل، رئيس الشبيبة وأمين مال محمّد عيّارة أب الطاهر، الأعضاء أحمد ابراهم والدعاية قادر النقبي..."
وقد كان المرحوم محمد بالعيارة دستوريا مخلصا لحزبه يعمل طيلة تلك الفترة بصمت يستقبل الدستوريين بمحلّ تجارته برحابة صدر أين كانوا يجتمعون ويتداولون نظرا لافتقارهم لمقر للشعبة ممّا أدّى إلى استدعائه سنة 1939 ضمن جيش الاحتياط وإيداعه بمعسكر ب"بوقبرين"*** أو"سوق الصيادي" المعروفة الآن بمنزل الحياة من معتمية زرمدين****. وقد وكّلت له سنة 1945 بحكم مسؤوليته بالشعبة كأمين مال مهّمة جمع التبرعات لتمويل رحلة الزعيم الحبيب بورقيبة إلى الشرق للتعريف بالقضية التونسية. وإثر معركة 23 جانفي 1952 بقي متخفيا عن السّلط الفرنسية فارا حتّى لا يقع اعتقاله من طرف جنود الاستعمار الذين كثّفوا يوم 5 فيفري 1952 عمليات التفتيش في المنازل والتخريب وتعذيب الأهالي فداهم الجند منزله وأتلفوا الأثاث وحطّموا الأبواب وعذّبوا ابنه البشير بالعيّارة إلى حدّ فقدان ذاكرته إبّان استجوابه حيث ورد بجريدة "الزّهرة" الصادرة يوم الثلاثاء 12 فيفري 1952 تحقيقا صحفيا تحت عنوان "تحقيق صحفي صادق عن حملة القمع في بلدان الساحل التونسي" جاء فيه:"...وتكرّر تفتيش المنازل وتحطيم الأبواب وإتلاف المؤن والذخائر الأهليّة تحت التهديد بالسّلاح....وأختبل الشاب الزيتوني البشير بالعيّارة من هول ما ناله من عذاب وتنكيل وتهديد وطلق مرعب للأعيرة الناريّة...وكانوا يسألونه عن أبيه(محمد بالعيّارة) وأين هو، وفقد التلميذ المسكين ذاكرته، وأخلّ توازنه العقلي فارتمى على أحد الشيوخ المسّنين زاعما أنّه أبوه. وأُخذ ذلك الشيخ المسكين بعذاب أليم وتبيّن من بعد أنّه ليس أباه...وسألوه عن السلاح فذهب بهم إلى بئر معطّلة، ثمّ ذهب بهم إلى البحر....."
وبعد الاستقلال عيّن المناضل المرحوم محمد بالعيارة عضوا بمحكمة المهديّة كحاكم شعبي حتّى الستينات. وقد تحصّل على الصنف الرابع من وسام الاستقلال جزاء لجليل أعماله من أجل تحرير الوطن واسترجاع عزته وكرامته.
لطفي جمعة (مراجعة 24 جانفي 2021)
ـــــــــــــــــــــــ
*نشرت بجريدة "الشروق" العدد5926 السنة 17، الثلاثاء 10 أفريل 2007 ص9
** يؤكّد المناضل الحبيب بن فرج بالغالي في حوار معه بتاريخ 18 مارس 2007 أنّ المسمى هو أحمد بيّوض
***وهو ما أكّده المناضل الحبيب بن فرج بالغالي في حوار معه بتاريخ 18 مارس 2007
**** منزل الحياة: تقع بالساحل التونسي على الطريق الوطنية رقم 1 بين مدينتي سوسة وصفاقس وتبعد حوالي 35 كلم عن مدينة سوسة و 93 كلم عن مدينة صفاقس وعن مدينة المنستير حوالي 40 كلم

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال