ولد المربي المرحوم علي بن سالم بن بديرة في 24 أفريل 1927 وتوفي في مارس 1993 عن سن لم يتجاوز فيها السادسة والستين، بمستشفى المنستير بعد عملية ناجحة على المعدة حصل فيها على دم ملوث بفيروس قاتل تسبب في وفاته بعد أسبوعين.
بدأ المربي المرحوم علي بن سالم بن بديرة تعلّم القرآن الكريم في كتاّب القرية على يد شيوخها من حفظة كتاب الله تعالى، ثمّ التحق بالفرع الزيتوني، وعلى إثر انتهاء المرحلة الابتدائية بعد أربعة سنوات من الدراسة والتعلّم، تحصّل المربي المرحوم على بن سالم بن بديرة على الأهلية وهي أولى الشهادات التي كان يمنحها جامع الزيتونة بعد اجتياز الطلبة لامتحاناتها التي تتم في الفروع الزيتونية داخل البلاد وفي العاصمة وتعلن نتائجها على أعمدة الصحف الوطنية. وقد خوّلت له هذه الشهادة الالتحاق بجامع الزيتونة المعمور حيث تحصّل على شهادة التحصيل في العلوم وهي شهادة كان يحصل عليها طلبة التعليم الزيتوني في نهاية المرحلة الثانوية أي بعد أربع سنوات من حصولهم على أولى الشواهد الزيتونية المسماة بالأهلية، ممّا خوّله التدريس بفروع جامع الزيتونة لمادة الجبر أي الرياضيات.
وقد حمله هذا التعيين لأقصى الجنوب، فدّرس في الفرع الزيتوني في قبلي قبل أن يتزوج ويستقر في مدن الساحل بعد الاستقلال، حيث درّس في فرع جامع الزيتونة بالمهدية. وبعد الغاء التعليم الزيتوني وغلق جامعة الزيتونة وأوقف قبول التلاميذ بجميع فروع الزيتونة حتى أغلقت، اضطر للتحول من مدرّس زيتوني لمعلم ابتدائي، بعد نجاحه في مناظرة ليدّرس العربية كمعلم ابتدائي، فعيّن معلّما بالمدارس الابتدائية بقصيبة المديوني ثم بقصر هلال ثم بالمدرسة الابتدائية المختلطة بطبلبة خلال السنة الدراسية 1965-1966. وبعد اجتيازه لمناظرة ثانية، أصبح بعد نجاحه أستاذا للتعليم الثانوي لتدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية. فعيّن بالمعهد الثانوي بالنفيضة لمدّة أربع سنوات ما بين سنة 1969 إلى سنة 1973. ثمّ نقل إلى معهد سعيد أبو بكر بالمكنين. وسافر إلى ليبيا في إطار التعاون الفنّي، ثم رجع إلى مركز عمله القديم بعد عودته إلى تونس. وفي سنة 1976 نقل إلى المعهد الثانوي بطبلبة، الذي بدأ نشاطه كمدرسة ثانوية والكائنة بمدرسة "النجاح" الحاليّة من سنة 1976 إلى سنة 1977، وبعد إتمام بنائه انطلقت الدراسة رسميا بالمعهد الثانوي بطبلبة خلال السنة الدراسية 1977/1978.
انخرط المربي المرحوم علي بن سالم بن بديرة في العمل الجمعياتي منذ أربعينات القرن العشرين حيث انخرط في جمعية النسر الرياضي بطبلبة كلاعب سنة 1948.
كما كان من أعضاء نادي الشطرنج بطبلبة الذي كان ينشط في صلب جمعية النسر الرياضي بطبلبة خلال ستينات القرن العشرين حيث كان اهتمام الجمعية بهذا الصنف من الرياضة الفكريّة لا يقل قيمة عن اهتمامها بالرياضة البدنية الذي جعل الفريق الهاوي لهذه اللعبة يحتلّ وقتها المرتبة الثانية في البطولة الوطنيّة. وتتكثّف أنشطة هذا النادي خلال تنظيم المهرجانات التي كانت تنظمها جمعيّة النسر الرياضي طوال سنوات الستينات من القرن العشرين.
كتب ابنه المرحوم الأستاذ الدكتور إلياس بن علي بن بديرة تدوينة بصفحته على الفايس بوك بتاريخ 25 أفريل 2020:" ...كانت له مكتبة ثرية فيها كتب صفراء اللّون بعضها من أوّل القرن وبعضها جديد نسبيًا وكنت دائم النبش فيها ومطالعة ما فيها، وكان رغم حرصه يتساهل معي أحيانًا عندما أفتح الخزانة بدون إذن...كان الزيتوني من أمثاله واسع الاطلاع في اللغة والتاريخ والتراث بأنواعه ومستواه في العربية يفوق أساتذة العربية في الجامعة حاليا رغم أنه كان مدرّسا للجبر، لكن تكوينه الزيتوني سمح له بتدريس اللغة العربية والتربية الاسلامية بعد اجتيازه لمناظرة أصبح بعدها أستاذ تعليم ثانوي في النفيضة لمدة أربع سنوات كانت تمثل الجزء الأكبر من طفولتي بين 1969 و1973.
كان رحمه الله طيب القلب لحد أقصى رغم حدة مزاجه أحيانًا وكان السبب الأساسي في نجاحنا في الدراسة نسبيًا رغم قلة الإمكانيات بالنسبة لعائلة فيها سبعة أفراد ولم يكن من المتشددين في الدين رغم التزامه بالصلاة وقراءة القرآن ساعة بعد الفجر، ولكنه كان يركّز على المعدن الطيب وحسن الخلق فليس فينا من يتكلم كلاما بذيئا داخل البيت ولا خارجه ولم أعرفه دخل في خلاف حول مسألة دنيوية من مال أو رزق الاّ كان أوّل من يتنازل فيها..."
لطفي جمعة (11 أفريل 2024)
المرجع: تدوينة بصفحة ابنه المرحوم الأستاذ الدكتور إلياس بن علي بن بديرة على الفايس بوك بتاريخ 25 أفريل 2020