الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة

 

الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة


الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة

مثال للجيل الذي عاصر سنوات الاستعمار وبدايات بناء دولة الاستقلال وعايش إشكالية التوفيق بين الأصالة والحداثة


نشأته ودراسته

ولد الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة في 18 سبتمبر 1940 بطبلبة، التحق كغيره من أبناء جيله بكتّاب سيدي أحمد عيارة في سن الخامسة حيث تعلّم الكتابة وحفظ القرآن، ثمّ بالمكتب الفرنسي العربي بطبلبة في 3 جانفي 1951 وقد بلغ من العمر ما يزيد عن احدى عشرة سنة. وفي شهر أفريل 1955 عمد مدير المدرسة" كوربان" إلى رفته من المدرسة عندما كان يدرس بالفصل الرابع الدراسي بسبب تقدّمه في السنّ ثمّ تمّ إعادته إلى مقاعد الدراسة فاجتاز مناظرة الدخول إلى السنة الأولى من التعليم الثانوي من المرحلة المتوسطة الثانية والتي تعادل السنة الخامسة أساسي بنجاح ولم يحق له إلاّ الالتحاق بالفرع الزيتوني وبإسعاف عمري بالشعبة العصرية بالفرع الزيتوني بالمكنين في جوان 1956 حيث قضّى أربع سنوات بهذا الفرع يتنقل بين طبلبة والمكنين ذهابا وإيّابا على الأقدام في أغلب الأحيان وذلك نظرا للظروف المعيشية والاجتماعية المتردية.

وفي سنة 1961 انتقل الأستاذ الشيخ رمضان بن ريانة إلى تونس العاصمة والتحق بمدرسة ابن شرف الثانوية بالسنة السادسة تحصيل عصري ولم يسعفه الحظ في الحصول على الجزء الأوّل منه وتمكّن منه بعد ذلك في السنة الموالية في شهر جوان 1965 ونجح في اجتياز الجزء الثاني من التحصيل العصري شعبة الرياضيات ممّا مكّنه خلال السنة الجامعية1965-1966 من الالتحاق بكليّة العلوم بجامعة تونس اختصاص فيزياء-رياضيات-كيمياء PMC قضّى بها ثلاث سنوات وكان في الأثناء يدّرس مادة الرياضيات بالمدرسة الحرّة باب الأقواس. ولكن ظروف الدراسة في هذا الاختصاص لم تكن مواتية لتعليمه الزيتوني الأمر الذي جعله يفشل في تعليمه العالي العصري. وفي شهر جويلية 1968 نجح في مناظرة الالتحاق بمدرسة الطيران المدني بتونس وبعد ثلاثة أشهر من ذلك خيّر الالتحاق بالتعليم الابتدائي فالتحق سنة 1968 للتدريس بالمدرسة الالابتدائية نهج بولونيا بباب سعدون بتونس. وفي سنة 1971 التحق وهو معلم بكليّة الشريعة وأصول الدين فتخرج منها بالإجازة شعبة "الأصول" ثمّ تمكّن من الالتحاق بدروس الحلقة الثالثة وتحت تأثير العائلة والحاحها عليه في مساعدتها تخلى عن مواصلة دروس الحلقة الثالثة.

مسيرته المهنية

امتهن الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة بحكم فقر العائلة العديد من الوظائف أثناء مسيرته الدراسية حيث عمل بالبنك المركزي بتونس خلال العطل الصيفية طيلة ثلاث سنوات، ثمّ قيّما لثلاث سنوات أيضا بين المعهد الثانوي باب الخضراء والمدرسة الثانوية المهنية بباب العلوج بتونس، ثمّ معّلما لتدريس الرياضيات بمدرسة حرّ بتونس ثمّ بالمدرسة الابتدائية بباب سعدون حيث قضّى 7 سنوات معلّما بالمدارس الابتدائية. وفي سنة 1976 تمّ تعيينه أستاذا للتعليم الثانوي بالمعهد الثانوي بطبربة ثمّ انتقل للتدريس بالمعهد الثانوي بطبلبة إلى أن بلغ سنّ التقاعد خلال نهاية السنة الدراسية 1999-2000 حيث قضّى 25 سنة أستاذا بالتعليم الثانوي.

نشاطه الجمعياتي والسياسي

انخرط الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة في العمل الجمعياتي منذ خمسينات القرن الماضي حيث التحق بفوج الكشافة التونسية من سنة 1955 إلى سنة 1957. وفي سنة 1958 انضمّ إلى الهيئة المديرة لجمعية "البعث الثقافي" حيث توّلى مهمّة حافظ مكتبة ثمّ كاتب عام مساعد فكاتب عام للجمعية إلى حين حلّها سنة 1965. ثمّ انخرط بجمعية النسر الرياضي بطبلبة كلاعب في كرة الطائرة خلال سنوات 1961 و1962 و1963 ثمّ بالهيئة المسيّرة حيث توّلى سنتي 1978 و1979 الكتابة العامة لجمعية النسر الرياضي ثمّ نائب للرئيس بها.

وفي سنة 1983 أصبح عضوا بالجمعية المحلية للمحافظة على القرآن الكريم ثمّ كاتبا عاما ثمّ رئيسا لها إلى شهر ماي 1997. كما تولّى الكتابة العامة ثمّ رئاسة المكتب الفرعي للتربية والأسرة بالمعهد الثانوي بطبلبة لمدّة 18 سنة. أنتخب مراقبا للحسابات لكلّ من تعاضدية السعادة الفلاحية سنة 1980 وتعاضدية النصر البحرية سنة 1985.

انخرط الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة في العمل السياسي منذ سبعينات القرن الماضي حيث كان من المساهمين في تكوين شعبة السكرين للحزب الاشتراكي الدستوري ثمّ أنتخب كاتبا عاما للشعبة في 1 أفريل 1978 ثمّ عضوا بالدائرة الحزبية بطبلبة وخلال الانتخابات البلدية لسنة 1980 أنتخب مستشارا ببلدية طبلبة للمدّة النيابية 1980-1985.

نشاطه الثقافي والديني

انطلق نشاط الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة الثقافي منذ سبعينات القرن الماضي فنشر بالصحف التونسية العديد من المقالات على غرار صحيفة " العمل" و"بلادي" و"الصباح" و"الشروق" كما كان يساهم في النشر في المجلات المحليّة التي تصدر من حين إلى آخر على غرار مجلّة " 23 جانفي" و"أخبار طبلبة" و"السفرة".

وبحكم تكوينه الديني عيّن إماما للصلوات الخمس بالجامع الشرقي بطبلبة من 20 أكتوبر 1982 إلى سبتمبر 1989 ثمّ إماما خطيبا نائب من 29 نوفمبر 1983 إلى 2 جانفي 1989 ثمّ إماما خطيبا رسميا بداية من9 جانفي 1987 إلى سنة 2016. وقد ساهم الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة في بناء وتوسعة وترميم العديد من المساجد من خلال الانخراط في لجانها بالعضوية أو الرئاسة كالمسجد الشرقي ومسجد الإيمان وجامع الزياتين ومسجد الصديق. كما كان للأستاذ الشيخ رمضان بن ريانة دور كبير بحكم قيمته العلمية والدينية والأدبية لدى المتساكنين من خلال إصلاحه ذات البين داخل الأسرة الواحدة وبين الأجوار كلّما طرحوا عليه مشاكلهم الخاصة والعائلية ويساعدهم على حلّها. ونظرا لما يتحلى به من أخلاق وانصاف وتواضع لا يرد أحدا مهما كانت الظروف والأوقات.

مؤلفاته

بدأ الأستاذ الشيخ رمضان بن محمود بن ريانة مشواره البحثي بدراسة الحركة الوطنية المحليّة من مقابلات مع الفاعلين فيها فكان له سنة 1979 كراس " معركة 23 جانفي" بالاشتراك و "يقظة مدينة" نشرت سنة 1983. وفي سنة 2003 صدر له كتاب في خمسة أجزاء بالاشتراك مع الدكتور عادل بالكحلة بعنوان "طبلبة: التقليدية والحداثة في المجتمع العربي" وفي سنة 2007 صدر له كتاب في ثلاث أجزاء بعنوان" لفت الأنظار للكشف عمّا في أرقام آيات القرآن الكريم من أسرار" وفي سنة 2011 صدر له كتاب "الأسرة... وحمايتها من التفكك".

لطفي جمعة

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال