من أشهر الأئمّة وأكثرهم ثقة وأحبّهم إلى الأهالي
والأب الروحي للمجتمع المدني الحديث بطبلبة
ولد المرحوم الشيخ محمّد بن عبد القادر بوسمّة في 23 مارس 1914، وتوفي في 13 جانفي 1994 . عاش وتربى في عائلة محافظة حفظ القرآن صغيرا عن أبيه وحضر الدّروس الذي كان يقدّمها أبوه الشيخ عبد القادر بوسمّة بالجامع الكبير (العتيق) بطبلبة. ثمّ التحق بجامع الزيتونة المعمور حيث تحصّل على شهادة التحصيل في العلوم الدينية سنة 1936، ثمّ نال شهادة العالمية في القسم الشرعي سنة 1941 التي يقابلها شهادة ختم دروس التعليم العالي في اللغة والآداب العربية التي تعادل حاليا الاجازة في الآداب العربية. عيّن سنة 1942 عدلا مبرزا من الطبقة الأولى لكنّه لم يمارس عدالة الاشهاد وخيّر أن يكون من رجال التعليم فانخرط بهيئة التدريس بمدرسة الحاج علي صوّة بقصر هلال التابعة للنّظام الزيتوني من سنة 1940 إلى سنة 1946 سنة استقالته، لينتقل إلى سلك التعليم الابتدائي فكان معلّما بالمدرسة القرآنية "الهداية" منذ احداثها سنة 1946. وقد توّلى سنة 1952 إلى سنة 1953 إدارة المدرسة القرآنية بالنيابة عن السيّد فرج جمعة بعد اتهامه بالمساهمة في معركة 23 جانفي 1952. وقد أحيل على التقاعد سنة 1974، وكان طيلة سنوات عديدة يقدّم دروسا صيفية بدون مقابل علاوة على دروسه المسجدية للعموم.
لقد توّلى المرحوم الشيخ محمّد بن عبد القادر بوسمّة إمامة الجامع الكبير (العتيق) سنة 1958 فسمي إماما أوّل وخطيبا يقوم الصلوات الخمس والجمعة والعيدين. وفي سنة 1964 انتقل بمثل خطته إلى الجامع الجديد قرب مدرسة الهداية بعد إتمام بنائه وكانت لخطبه الجمعية وقعا في نفوس المصلين حتّى لم يعد ذلك المسجد يتسع للحاضرين فتمت توسعته مرات وبذلك حسب شهادة أخيه الأستاذ الطاهر بوسّمة كوّن نخبة من المريدين والأئمة فكانوا له أوفياء الى اليوم وفيهم الشيخ رمضان بن ريانة امام الجامع الشرقي سابقا والشيخ فيصل بوسمة. وقد كان بيته دائما مفتوحا للفتوى والاستشارة ولكنّه كثيرا ما كان يتوقف عن الجواب في حينه ليعود للكتب المختصة للتأكد، وإذا ثقل عليه السؤال كان يراسل مفتي الجمهورية لقطع الشك باليقين. وقد كان مداوما مع جمع من المريدين على قراءة دلائل الخيرات وشوارق الأنوار في ذكر الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم للإمام محمد بن سليمان الجزولي في مقام الزاوية العياشية ويسعى لمواصلة تلك العادة الحميدة والعمل على تعويض من توفاهم الله إلى انتهاء تلك الحلقة التي كانت تعمر القبة وانتهت بوفاته ووفاة امثاله من الخيرين عليهم رحمة الله ورضوانه.
ساهم المرحوم الشيخ محمّد بن عبد القادر بوسمّة في تأسيس العديد من الجمعيات بطبلبة، حيث كان من مؤسسي أوّل جمعية بطبلبة " النادي الأدبي" الذي تأسس سنة 1937 بمعيّة الحبيب جمعة وعلي بلغيث وعبد الحميد تقيّة وفرج جماعة وغيرهم. كما انخرط بجمعية الكشافة الإسلامية التونسية بصفة كاتب فرج منذ سنة 1948. وكان وراء تأسيس "الشبيبة المدرسية" سنة 1946 وجمعية "المعارف" سنة 1953. كما كان من بين أعضاء لجنة جمع التبرعات ودعم عائلات المناضلين معنويا وماليا بعد معركة 23 جانفي من سنة 1952 إلى سنة 1954.
وكان المرحوم الشيخ محمّد بن عبد القادر بوسمّة من مؤسسي "جمعية المحافظة على القرآن الكريم والأخلاق الفاضلة" وقد ترأسها لمدّة طويلة من سنة 1974 إلى سنة 1992. كما أشرف على عديد المشاريع الخيرية والتضامنية وعلى مشاريع البناء وإعادة البناء للمساجد كالجامع الجديد والجامع العتيق ومسجد البركة ومسجد بنّور وغيرها.
لطفي جمعة (5 ماي 2020)