"امتهن التدريس وباشر التّفقد، وله انتاج فكري وتربوي مميّز"
(2020-1924)
مولده ودراسته
ولد المربي المرحوم محمد بن علي الناصف في 11 جوان 1924 بطبلبة وتوفي في 30 مارس 2020. دخل المدرسة الابتدائية الوحيدة بطبلبة المدرسة الفرنسية العربية في سنّ متأخرة نسبيّا (حوالي 10 سنوات) وبقي بها نحو أربع سنوات نجح على إثرها في مناظرة الدخول إلى التعليم الثانوي سنة 1938، والتحق بالمعهد الصادقي بالعاصمة. ثمّ اجتاز مناظرة الدخول إلى دار المعلمين على أمل تحسين الظروف المادية ومتابعة الدراسة بالمعهد الأعلى الوحيد بتونس وهو المعهد الأعلى للغة والآداب العربية وبفضل ذلك واصل دراسته وتحصّل على "البريفي" العربي وشهادة ختم الدراسة بالتعليم الثانوي، وشهادة الدبلوم العالي للغة والآداب العربية. ثمّ واصل تعليمه العالي بالمراسلة مع مدرسة عليا بباريس وتحصّل منها على شهادة في الفلسفة وبفضلها ترشّح للمشاركة في بعثة دراسية في فرنسا على نفقة الدّولة التونسية وهكذا دخل إلى دار المعلمين العليا "بسان كلو" بفرنسا ستة 1958 وتحصّل على إثرها على شهادة انتهاء الدراسة وقد حضر في الوقت نفسه دروس علم النّفس والتربية بكليّة "السربون" بفرنسا.
مسيرته المهنيّة
التحق المربّي محمّد النّاصف بسلك التدريس فعيّن بإحدى مدارس سليانة من سنة 1946 إلى سنة 1947. وبعد نجاحه في امتحان الترسيم وفي شهادة الدبلوم العالي للغة والآداب العربية التحق بالتعليم الثانوي فعيّن بالمعهد الثانوي بباجة في أكتوبر 1947 إلى سنة 1950، ثمّ نقل إلى المعهد "التكميلي" برادس الذي كان المعهد الوحيد بأحواز العاصمة الجنوبية والوطن القبلي الذي يشتمل على أقسام للتعليم الثانوي إلى سنة 1958، حيث كلّف بتدريس التاريخ والعلوم الطبيعية باللغة الفرنسية بالإضافة إلى تدريس اللغة العربية والترجمة. وبعد تخرجه من كليّة "السربون" بفرنسا كلّف بمهمّة التفقد وأُقرّ نهائيا في خطته بعد نجاحه في المناظرة سنة 1964، ثمّ ارتقى إلى رتبة متفقد عام للتربية القوميّة، وعيّن بأحواز العاصمة إلى حين تقاعده على خطته.
نشاطه الجمعياتي ونضاله السياسي
كوّن المربّي محمّد النّاصف سنة 1946 لمّا كان مكلّفا بالتدريس في احدى مدارس سليانة أولى فرقة للتمثيل بالمدرسة وقام مع تلاميذه بتمثيل بعض المسرحيات الدينية بمناسبة المولد النبوي الشّريف ممّا جلب له عداء مدير المدرسة الفرنسي والمراقب المدني. كما تمّ تعيينه قائدا للكشافة التونسية بالجهة نظرا لتكوينه الكشفي منذ أن كان تلميذا وأسّس فرقة كشفيّة بالمدرسة، ضايق نشاطها المراقب المدني بالجهة الذي أوعز إلى "القائد" التونسي بتهديده بنقلته إلى أقصى الجنوب إن واصل نشاطه الوطني.
انخرط المربّي محمّد النّاصف بالاتحاد العام التونسي للشغل وبالحزب الحر الدستوري منذ سنة 1950 وكان مراقبا من طرف السلط الاستعمارية عن كثب من الناحيتين المهنيّة والسياسية سيّما وأنّه كان يسكن بجوار الزّعيم النقابي المرحوم فرحات حشاد. ولم يسلم من التوقيف عن العمل بمجرّد مشاركته في الإضرابات ومن تهديده بالقتل من طرف اليد الحمراء التي اغتالت المرحوم فرحات حشاد. وقد كان للمربّي محمّد النّاصف اتصال وثيق في تلك المدّة ببعض المناضلين مثل المؤدّب الفاضل المرحوم الطاهر معرف الذي كان رئيس الشعبة الدستورية بطبلبة وكان مختبئا آنذاك برادس حيث كان يعمل أخوه أحمد معرّف كسائق للوزير الأوّل محمّد شنيق كما كان له اتصال ببعض المقاومين من طبلبة مثل الحبيب بالكحلة.
وقد كان المربّي محمّد النّاصف عضوا باتحاد الكتّاب التونسيين منذ تأسيسه وبعدد من الجمعيات الثقافية الجهوية.
انتاجه الفكري والتربوي
كتب المرّبي محمّد النّاصف المقالة والدراسة النقديّة وألّف الكتب المدرسية والتربوية وقد نشر انتاجه في المجلات المختصة بالتربية والتعليم وفي الصحف والمجلات الأدبيّة. وقد شارك في العديد من الندوات والملتقيات الأدبيّة والعلمية ذات التوجه المهني وقد صدر له:
• "في التربية والتعليم" صدر سنة 1969 وطبعة ثانية سنة 1972
• "في البيداغوجيا" صدر سنة 1970
• "آراء في التربية" صدر سنة 1973
• "القراءة المفيدة" صدر سنة 1980
• "تأملات في التربية" صدر سنة 1983
• في النّحو التصريف صدر سنة 1984
لطفي جمعة (20 مارس 2020)