تعد المدن ذاكرةً حيّةً تسرد حكايات الشعوب وتاريخها من خلال معالمها وأبنيتها التاريخية. ومن بين هذه المعالم يبرز الجامع العتيق في مدينة طبلبة، تونس، كرمزٍ أصيلٍ يعكس تاريخ المدينة وثقافتها. يُعتبر الحفاظ على هذه المعالم وصيانتها دعوةً لاحترام الماضي والاعتزاز بالهوية الثقافية. في هذه المقالة، سنستعرض تاريخ الجامع العتيق في طبلبة وأهمية نشر ثقافة الحفاظ على التراث العمراني كجزء من الحفاظ على ذاكرة المدن.
تاريخ الجامع العتيق في طبلبة
يُعد الجامع العتيق في طبلبة واحداً من أقدم وأهم المساجد في المدينة، حيث يعود تاريخه إلى العصور الإسلامية المبكرة. يُعتقد أن تأسيسه كان في القرن الثامن الميلادي، خلال فترة الفتح الإسلامي لشمال إفريقيا. وقد شهد الجامع عبر العصور العديد من الترميمات والتوسعات التي حافظت على طابعه المعماري الفريد، مما يجعله شاهداً حياً على تطور العمارة الإسلامية في المنطقة.
أهمية الجامع العتيق في الذاكرة الجماعية
لا يمثل الجامع العتيق مجرد مبنى ديني، بل هو جزءٌ لا يتجزأ من الذاكرة الجماعية لسكان طبلبة. يُعد مكاناً للاجتماع والعبادة، ومركزاً ثقافياً حيث تتجمع فيه الأجيال المختلفة للتعلم والتفاعل الاجتماعي. إن الحفاظ على هذا المعلم هو بمثابة الحفاظ على تراثٍ مشترك يعزز من شعور الانتماء والفخر بالهوية المحلية.
نشر ثقافة الحفاظ على التراث
إن نشر ثقافة الحفاظ على التراث العمراني يتطلب جهوداً مجتمعية متكاملة تبدأ بالتوعية والتثقيف. يمكن للمؤسسات التعليمية والمنظمات الثقافية لعب دورٍ هامٍ في هذا الصدد من خلال:
1. **البرامج التعليمية: إدماج مواد دراسية تُعنى بالتاريخ المحلي والتراث المعماري في المناهج الدراسية.
2. **الأنشطة الثقافية: تنظيم ورش عمل ومعارض تُسلط الضوء على أهمية المعالم التاريخية وأساليب الحفاظ عليها.
3. **التوعية المجتمعية: إطلاق حملات توعية عبر وسائل الإعلام المختلفة لتعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث العمراني.
يمثل الجامع العتيق في طبلبة ذاكرةً متجذرةً في تاريخ المدينة وثقافتها. إن الدعوة للحفاظ على هذا المعلم التاريخي ونشر ثقافة الاهتمام بالتراث العمراني هي دعوة لاحترام الماضي وبناء مستقبل مستدام يحافظ على الهوية الثقافية. من خلال الجهود المجتمعية المتكاملة يمكننا ضمان استمرار هذه الذاكرة الحية للأجيال القادمة، وتعزيز الفخر بالهوية المحلية في وجه التغيرات العالمية المتسارعة.