مدينة طبلبة، تلك الجوهرة الخفية في قلب تونس، ليست مجرد نقطة على الخريطة، بل هي موطن لتاريخ غني ومتنوع. عبر السنين، احتضنت طبلبة أجيالاً من البشر الذين تركوا بصماتهم على ثقافتها ومعمارها وأسلوب حياتها. من بين هذه البصمات تبرز "السفرة" كرمز حي لثقافة المدينة وذاكرتها الجماعية.
السفرة في طبلبة ليست مجرد وجبة تُقدَّم على المائدة؛ إنها تقليد يعكس عمق التواصل بين الأجيال والحفاظ على الروابط الأسرية والاجتماعية. تحكي السفرة قصصاً عن الأيام الخوالي، وتروي ذكريات لمناسبات عائلية وأعياد دينية ومجتمعية. من خلال الأطباق التقليدية مثل الكسكسي والمرقة، يتم تناقل وصفات الأجداد وأسرار الطهي من جيل إلى جيل، مما يعزز الشعور بالانتماء والاستمرارية.
لكن هذا التراث الغني يواجه اليوم تحديات عديدة، منها التغيرات الاجتماعية السريعة والعولمة، التي قد تهدد بتآكل هذه التقاليد العريقة. لذا، تأتي دعوة نشر ثقافة الحفاظ على ذاكرة المدينة كنداء لجميع سكان طبلبة وزائريها، للحفاظ على تراثهم ومشاركتها مع الأجيال القادمة.
لتحقيق هذا الهدف، يمكن اتباع عدة خطوات فعالة
التوثيق والتسجيل: يجب تشجيع المجتمع على توثيق وتسجيل قصصهم وتجاربهم المرتبطة بالسفرة. يمكن إنشاء أرشيف رقمي يجمع هذه القصص والصور والمقاطع الفيديو، لتكون مرجعاً للأجيال القادمة.
التعليم والتوعية: إدراج موضوعات التراث الثقافي في المناهج الدراسية بالمدارس المحلية، لتنمية وعي الأطفال والشباب بأهمية الحفاظ على هذا التراث.
الفعاليات المجتمعية: تنظيم مهرجانات وفعاليات ثقافية تسلط الضوء على السفرة التقليدية وتتيح الفرصة للأفراد لتبادل الخبرات والمعلومات حول طقوسها وأهميتها.
التعاون مع وسائل الإعلام: استخدام وسائل الإعلام المحلية لتعزيز الوعي بقيمة السفرة وطبلبة ككل، من خلال البرامج الوثائقية والمقالات والتحقيقات الصحفية.
5. **دعم المبادرات المحلية: تشجيع المبادرات الفردية والجماعية التي تهدف إلى إحياء التراث الثقافي، من خلال تقديم الدعم المادي والمعنوي لها.
السفرة في طبلبة ليست مجرد تقليد قديم، بل هي جزء من هوية المدينة وذاكرتها الجماعية. إن الحفاظ عليها ونقلها للأجيال القادمة ليس فقط واجباً اجتماعياً، بل هو فعل من أعمال الحب والاحترام للمدينة وأهلها. من خلال هذه الجهود، يمكننا ضمان أن تظل طبلبة مشعةً بتقاليدها وثقافتها، وتحافظ على ذاكرة مكانها الغنية للأبد.